استولت القوات المسلحة الروسية على مدينة أوغليدار، باعتبارها أحد أهم معاقل القوات المسلحة الأوكرانية، وأكثر منطقة محصنة وقوية في نظام دفاع الجيش الأوكراني.
وقالت صحيفة "
غازيتا" الروسية في تقرير لها ترجمته "عربي21"؛ إن نائب الشعب في البرلمان الأوكراني أليكسي جونشارينكو، وجه سهام الانتقاد إلى وزير الدفاع رستم أوميروف؛ بسبب خسارة أوغليدار التابعة لجمهورية دونيتسك الشعبية.
ونقلت الصحيفة ما كتبه جونشارينكو على مواقع التواصل الاجتماعي: "لقد خسرنا المدينة التي سيطرنا عليها لأكثر من عامين. ماذا فعل وزيرنا في ذلك اليوم؟ هذا عار". في ذات الوقت، دعا جونشارينكو وزير الدفاع إلى تقديم استقالته بشكل فوري.
وذكرت صحيفة "سترانا" الأوكرانية، أن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية، توقفت عن إدراج أوغليدار في تقاريرها. ومن الجانب الروسي، كشف المراسلون العسكريون بوريس روزين ويوري كوتينوك وميخائيل زفينشوك عن انتقال أوغليدار إلى سيطرة الجيش، كما كتبت قناة "شوت" على حسابها على موقع تلغرام عن الاستيلاء على المدينة، قائلة: "حرر
الجيش الروسي أوغليدار. المدينة أصبحت بالكامل تحت سيطرة القوات المسلحة الروسية".
كيف تمت السيطرة على أوغليدار؟
ذكرت الصحيفة، أن القوات المسلحة الأوكرانية أعدّت أوغليدار في العديد من المناسبات للدفاع منذ عام 2014. في الواقع، خلال هذا الوقت، تحولت المدينة إلى حصن حقيقي واستعدت لصد هجمات الجيش الروسي، وفقا لجميع قوانين التحصين، بالإضافة إلى ذلك، قدم موقع أوغليدار المرتفع مزايا إضافية للقوات الأوكرانية المدافعة.
في السابق، باءت المحاولات التي نفذتها القوات المسلحة الروسية لاقتحام هذه المدينة بالفشل، ويعود ذلك من بين جملة من الأمور إلى افتقار الجيش الروسي لأسلحة نارية قادرة على تدمير منشآت العدو طويلة المدى.
وقد كانت المدافع عيار 152 ملم وحتى قذائف الهاون عيار 240 ملم، غير كافية لاختراق الدفاع الأوكراني، لكن هذه المرة، أدّت القنابل الجوية شديدة الانفجار من العيار الكبير مع وحدات التخطيط والتصحيح الشاملة، دورا مهمّا للغاية في الهجوم الناجح على أوغليدار.
بالإضافة إلى ذلك، لم تقتحم القوات الروسية أوغليدار مباشرة، بل قامت بفرض شبه تطويق على المدينة، تاركة للعدو شريطا ضيقا لا يتجاوز عرضه بضعة كيلومترات للخروج من المنطقة المأهولة. بعد ذلك، تم إطلاق النار من كلا الجانبين، حتى باستخدام قذائف الهاون عيار 82 ملم.
وصعَّب ضِيق هذا الممر على القوات المسلحة الأوكرانية القيام بجملة من المهام؛ مثل نقل التعزيزات إلى أوغليدار والذخيرة والطعام وإسعاف الجرحى. وفقا للجيش الأوكراني نفسه، كان ينبغي التخلي عن المدينة في مثل هذه الظروف قبل أسبوع، عندما بدت علامات تطويقها واضحة.
وأوردت الصحيفة بأن القول؛ إن القوات الروسية استولت على أوغليدار بعد أيام من القتال الدامي والعنيف في الشوارع، أمر مبالغ فيه إلى حدّ ما.
وتجدر الإشارة إلى أن وحدات القوات المسلحة الأوكرانية من اللواء الميكانيكي المنفصل 72 المنسحبة من المدينة تخلت عن قتلاها وجرحاها، بعد أن كان من شبه المستحيل إخراجهم من أوغليدار تحت مرمى نيران الجيش الروسي، خاصة مع استخدام مركبات القتال والمشاة وناقلات الجنود المدرعة.
بحسب شهود عيان، في المتوسط، من بين عشرة مقاتلين أوكرانيين ينسحبون من المدينة باتجاه بلدة بوغويافلينكا، يصل نصفهم في أحسن الأحوال إلى مواقع دفاعية جديدة.
وبناء عليه، فإن سقوط أوغليدار، التي كانت منطقة محصنة قوية في نظام دفاع الجيش الأوكراني وحلقة وصل رئيسية في هذا الاتجاه، يضع القوات المسلحة الأوكرانية في موقف صعب، لا سيما أن هذه المدينة هي حجر الأساس بالنسبة للقوات المسلحة الأوكرانية، ويمكن أن تؤدي خسارتها إلى انهيار الجبهة الأوكرانية بأكملها.
ماذا بعد؟
بعد أوغليدار، هناك مناطق يمكن استخدامها لتعزيز خطوط الدفاع في هذا الاتجاه، وفي مثل هذه المناطق يمكن تجهيز الخطوط الدفاعية، لكن سيكون من الصعب على القوات المسلحة الأوكرانية الاحتفاظ بها.
بالإضافة إلى ذلك؛ هناك حملة الشتاء المقبلة، التي يتعين خلالها على القوات اتخاذ مواقع دفاعية في منطقة مأهولة بالسكان، تختلف خصائصها عن المناطق المفتوحة.
حينذاك يمكن للقوات الأوكرانية استخدام المباني والأقبية لتخزين إمدادات الموارد المادية، وفي الوقت الراهن، سيتعين على القوات المسلحة الأوكرانية الدفاع عن نفسها في خنادق مجهزة على عجل.
وعقب السيطرة على أوغليدار، بات من الممكن إطلاق خط السكة الحديدية الرابط بين دونيتسك وأرميانسك، المشروع الذي كان من المستحيل تنفيذه سابقا؛ نظرا لأن أوغليدار كانت تضمن رؤية واضحة للطريق السريع، فضلا عن كونها كانت مغطاة بجميع الأسلحة النارية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية.
وفي الوقت الراهن، يكتسب الجيش الروسي فرصا جديدة لتحسين الدعم اللوجستي والفني، وكذلك نقل القوات.
وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة إلى أن سقوط أوغليدار يعزز فرص تقدم القوات المسلحة الروسية، وسيطرته على مدينة كوراخوف.